مذكـرات أنثـى
أفرغت خزانة الملابس ، تربعت فوق السرير ، فساتينى ضاقت علىَّ وضقت بها، سأتخلص منها، أعيد ملء الخزانة بثياب جديدة .. ألوان زاهية تليق بعام جديد وعمر أود الانتماء إليه …
أرتديت ثوبى ، رفعت شعرى ، زينت وجهى … وفى سيارتى أدرت الراديو … الاستعدادات قائمة لاستقبال الناس فى احتفالية الألفية الثالثة … برد … زحام … فوضى … غربة … عدلت عن رأيى سأسهر فى منزلى أمام هذا الجهاز المستفز .
أرتب لهذه السهرة منذ عدة أشهر ، بدفتر مذكرات جديد ، ملابس جديدة ، صدر جديد يحمل قلب وليد … فى البيت أعددت قدحا من الشاى ، مددت قدمى أمامى ، تدثرت بالأغطية ، انتظرت بدء الحفل …
مرت ساعة … لم أفهم شيئا … الهرم فى الخلف … أبو الهول ، موسيقى فرنسية ، أضواء صاخبة ، صوت أم كلثوم … حلم مزعج طويل تململت … ألقيت الغطاء … قفزت إلى مكتبى ، أخرجت دفتر مذكراتى القديم ، فررته سريعا .
فى يوم ………… قررت الذهاب فى رحلة إلى مدينة الأقصر ………
رفض أبى :
لا مبيت خارج المنزل …
يا أبى نحن فى سنة سبعين .
ولا سنة ألفين .
بكيت … لأمى لماذا القهر أين الحرية ؟!
ضاحكتنى أمى قائلة : من طالب بحرية المرأة رجل تنفر منه النساء ، المطالبون فاسدون ، يخدشون حيائنا ، يخربون عقولنا … لا تكونى كالفراشات تعدو خلف النور للرقص فتحترق .
يا أمى هل أنعم بدفء الرق ؟!
الحرية لحن مسروق ، كلمات هابطة ، نحن خائفون عليك …
لا داعى للرحلة … إننا لا نعدو سوى مخلوقات يلهو بها الرجال ، دميات جميلة تتحرك ، يعلمونا الرقة والتوحش ويسخرون ويضحكون ويتحكمون … بعد الزواج سأصير حرة ..
… / ……/197.
أشعر بالدفء يحتوى أوصالى ، أقلب الصفحات ، أطلب ذكرى أيام ليتها تعود .
تلمست كوب الشاى ، وجدته فارغا ، هممت بآخر ، يتسرب إلى سمعى صوت الجيران يصخبون ، نظرت من الشباك ، انطفأ النور فى الشقة المقابلة … تعالت الضحكات وصرخات النساء ولهوهن … أضاء النور ، ما زال بعضهم يحيط بذراعه السيدة المجاورة له … آه … خرجت من قلبي ممدودة عالية … عدت أتلمس الحائط بأصبعى فى حركة راقصة .
فجأة انقبض قلبى … كان رجلا قاسيا … حطم قلبى … سحق ذراته … عدمه خير من وجوده …لو كان ما يزال زوجى لخرج يلهو مع واحدة من هؤلاء .
احتضنت أصابعى أصابع البيانو الملتصق ببرودة الحائط ، سرت النغمات تنفض كسلها وأسرح معها … قال لى :
- عزفك نقيق ضفادع .
- لعنة الله عليك وعلىَّ وعلى لحظات غضبى … انزوى فى ركن مهمل من حياتك … لم أكن عندك سوى جسد ملقى بطرقات مسكنك ، تطلبه … تركله متى تشاء … أسألك :
هل تحبنى ؟
- ضاحكا … يا بلهاء ماذا بك لأحبك ؟
سأريك ماذا بى … ليحبنى غيرك .
تحولت لما ترغب : عريت الجسد … لونت الشعر بألوان تصرخ ، رأتنى عيناك فى عيون الرجال المحيطين بنا ، همست ذات ليلة:
أين كنت ؟!
- كنت أمامك لك وحدك .
- أحبك هكذا .
- مشاع !!
- لا … فاتنة … أحب زوجتى تبهر عيون الجميع ، يشيرون إلىَّ يقولون : يملك أجمل امرأة .
- أنت لست رجلا … أنت …
- أنت طالق .
طرقات لاهثة على الباب …أختى وزوجها وبناتها :
- سئمنا مشاهد الاحتفالية …قررنا المرور عليك …
لملمت الأغطية ودفتر المذكرات ، ألقيت بها بعيدا ، بدأت معهم مراسيم الاحتفال بعام ، لعله يكون جديدا .
****