السماء تمطر رجالاً
كحلم مزعج أصبحنا نخشاه نحلله ولا نفسره دائما .. تندرنا به تناقلته القرى بحرص وبخوف ، فى بلدتنا لم نعد نسمع عن سيدة أنجبت ذكرا منذ خمس سنوات .. ، وفى "سبوع" أحدث المولودات جلسنا نثرثر قالت إحدانا :
العمدة سيرشح نفسه مرة ثانية ..
الحاج ابراهيم أبو أحمد أوْلى ، إنه رجل صالح يراعى الله
كلهم أول الأمر يراعون الله وبعد ذلك الله .. وحده يعلمٌ بهم .
العمدة سيفعل أشياء جديدة كثيرة للبلد .
يعنى هذا أن الأرض ستزع وحدها ، الرجال لن تذهب إلى الغيط مرة أخرى .
أين هم الرجال ، سافر نصفهم لجلب المال .. والباقون مثلٌنا أننا ننجب منذ سنوات بنات وكأنهن من صلبنا ( حريم فى حريم) وضحكت ضحكة علت بعدها الضحكات ... صرخت فيهن فتحية:-
مالهن البنات ؟ ! ربنا يبارك .
سألتنى رزقة : لوكل البلاد أنجت بنات مثلنا .. من سيذهب للجيش ( الحريم ) ؟ !
سبقتنى الضحكة : لله نظام فى الكون ولن يجعلها الله نساء فقط أبدا أحنت رزقة رأسها وبنبرة حزينة همست وماقيمة الرجال بلا رأى أو كلمة مثل الحريم ؟ !!
علت أصوات النسوة .. وماذا يعيب الحريم .. يعملن مثل الرجال كل شىء حتى الأرض مثل المرأة .. تحمل .. تلد .. تحنو ..
تحولت الكلمات إلى لغط شديد وتراشق .. سألتهن مارأى أزواجكن فى ترشيح العمدة ؟
فتحية : زوجى يرى ( إن كان مازال يرى) أن أحمد مثل سيد أحمد إنزويت أراقبهن أفكر فى كلامهن ونظرتهن لما يحدث .. أفكر هل نملك نحن من تعلمنا أن نجد تفسيرا لما حدث .. الرجال لايحركون ساكنا ولاحتى مجرد رأى كأن الشمس لم تصبغهم بصبغتها .. كأن الأرض لم ترضعهم صلابتها .. كجذور الشجر تعلو هاماتهم لا تنحنى .. قالت سيدة عجوز لاتثرثر كثيراً : الرجل لايكسره إلا الظلم تٌمحى رجولته تناهى صوت رزقة وهى تضحك ضحكتها الخبيثة تقول :
بعد سنوات قليلة سيكون العمدة ‘‘ حرمة ‘‘ .
أجابتها فتحية : والعمدة أين سيذهب ؟..
جلجلت ضحكتها بمكر المرأة .. ‘‘ سيكون بركتنا‘‘ ..
وغٌصت فى أفكارى مجددا ، إذا كان الظلم يقهر الرجال ، فماذا يقهر النساء .. هل ما يحدث لبلدتنا لعنة ؟ ! ولعنة من ؟ !
أيكون موقف الرجال مقاومة سلبية .. عدم المشاركة بالرأى سكوتهم حتى على التهكمات الفالتة لنسائهم .. وإنجاب البنات كيف يكون موقفاً ؟ ! هل علينا أن ننتظر أن تمطر السماء رجالا تحمينا ؟ بعد أن هجرنا رجالنا .. تنازلوا عن رجولتهم !!
إهتزت الأرض تحت قدمى بشدة .. هرجٌ بالخارج .. رجال غرباء أمام دوار العمدة .. نيران ، مشاعل ، أصوات همهمات الرجال ، كم اشتقنا إليها تلك الهمهمات .. هل استجابت السماء لدعائى ، هل أمطرت من يخلصنا من الظلم .. إنهم يٌخرجون العمدة وولده من الدوار .. لعلهم رجالنا سمعوا بأن العمدة يريد إمتلاك الأرض لعدم وجود رجال لحمايتها .. دبت فيهم الروح .. ثاروا .. هبوا .. اشتعلت نيرانهم بعد أن خمدت .. أدركوا أن من يظلمهم ليس منهم فجرت النخوة فى عروقهم .. هل ؟.. وهل .. ؟
تذكرت رزقة عندما قالت : طول عمر بلدنا مقهورة وكلما أردنا قول لا.. خرجت صمت .. يفسروها نعم .. كالبكر صمتها (نعم) هل يجيىء من يفض بكارة صمتنا يفسر قولنا .. !
كان صوت ( الهون) يصك أذنى والمشاعل أنوارها تتوهج تتصارع كتلة واحدة ناراً تصرخ .. فجأة سمعت صوت فتحية مهرولة إلى أفقت نظرت .. حدقت لم أجد الرجال أين المشاعل والنار
فتحية : تعالى ياأستاذة سعدية لم تنجب أنثى إنها ذكر .. والله ذكر هرولت معها ، دخلت على السيدات وهن ينظرن صامتات مشدوهات ناحية ‘‘ الرجل‘‘ الرضيع .. وجدتنى أصمت معهن إجلالاً للموقف من رحم كل أنثى سيخرج ذكر ...
* * *
